الجمعة، 9 ديسمبر 2011

التفكير

التفكير أرقى سمة يتسم بها الإنسان الذي كرمه سبحانه وتعالى وميزه على غيره من  سائر الكائنات الحية  ولقد حث الله سبحانه وتعالى البشر على التفكير في الكثير من الآيات القرآنية وكرم العقل والعلم والعلماء وأن الأديان السماوية حثت على التفكير والإسلام أحد هذه الأديان الذي عد التفكير فريضة إسلامية وفريضة التفكير في القرآن تشمل العقل الإنساني بكامل ما احتواه من الوظائف بخصائصها جميعا  {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50
والتفكير والفكر  نعمة إلهية وهبها الله لبني البشر دون غيرهم من مخلوقاته وهو يمثل اعقد    نوع من أشكال السلوك الإنساني ،جعل الله تعالى الإنسان خليفته في الأرض وميزه بالعقل عن بقية المخلوقات وجعل عقله مدار التوافق وتحمل أعباء المسؤولية. وحثه على النظر في ملكوته بالتفكير وأعمال العقل والتدبير قال تعالى في سورة الرعد: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الرعد3
ويعد التفكير من الظواهر النمائية التي تتطور عبر مراحل العمر المختلفة كما يعد التفكير من أكثر الموضوعات التي تختلف الرؤى وتعدد أبعادها وتشابكها والتي تعكس تعقد العقل البشري وتعقد عملياته ،إن ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات  قدرته على التفكير ، فمن خلال رحلته الطويلة الشّاقة من العصور البدائية إلى عصور الحضارة قد استطاع أن يواجه مشكلات لا حدود لها. هذه المشكلات تزداد صعوبة وتعقيداً بتطور المجتمع وتغيراته السريعة.
كما أوضحت احد الدراسات منها دراسة هاربسون وبرامسون إلى وجود الفروق بين السيطرة النصفية للدماغ وبين  أساليب التفكير كما أشارت إلى سيطرة النصف الأيسر من الدماغ إلى استخدام التفكير التحليلي والواقعي اما سيطر النصف الأيمن من الدماغ فقد تؤدي الى استخدام أساليب التفكير التركيبي والمثالي

- مفهوم التفكير :

وتوظف كلمة التفكير Thinking في حديثنا اليومي وعند قراءة كتاب معين إذن فالتفكير بمعناه العام يشمل كل أنواع النشاط العقلي أو السلوك المعرفي الذي يتميز بتوظيف الرموز في معالجة الأشياء والأحداث بدلاً من معالجتها عن طريق النشاط الظاهري المحسوس أو المادي.
وقد حاول الفلاسفة أن يصلوا الى ماهية التفكير من خلال تعريفهم للعقل وعدوا العقل أحد الأسباب الثلاثة الموصلة الى العلم، وهي : الحواس السليمة، والخبر الصادق، والعقل. أي أن التفكير نتاج لها\

أ.  مفهوم التفكير لغويا
-    تعريف لسان العرب لابن منظور.
جاء في لسان العرب لابن منظور "التفكير اسم التفكير" و من العرب من يقول "الفكر، الفكرة، و الفكرى" و يقول الجوهري (التفكير: التأمل و الاسم )
ب.  مفهوم التفكير اصطلاحا
-   تعريف موسوعة علم النفس (1977).
يعرف التفكير بمفهومه العام: هو (كل نشاط ذهني أو عقلي يختلف عن الإحساس، و الإدراك الحسي أو يتجاوز الاثنين إلى الأفكار المجردة).
و بمعناه الضيق: (هو كل سيل أو مجرى من الأفكار تبعثه و تثيره مشكلة أو مسألة قيد الحل، مثلما يشير للنظر إلى الأمور، و تقليبها و تفحصها بقصد التحقق من صحتها أو ضبطها). فالتفكير سيل أو توارد غير منتظم أحيانا من الأفكار و الصور و الذكريات و الانطباعات العالقة في الذهن
الإبداع لغةً ابتداء الشيء او صنعة على غير مثال سابق ، اذ جاء تعبير ( بديع السموات والارض ) في القرآن الكريم في كل من سورتي ، البقرة وسورة الأنعام  {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ }البقرة117 {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الأنعام101. وفسرت كلمة " البديع " بالمحدث العجيب . والبديع : مبدع ،
أي ان الله سبحانه وتعالى خالقها ومبدعها ، فهو الذي أنشاها على غير مثال سابق
- أنواع التفكير
1- التفكير العلمي
2-التفكير الناقد
3- التفكير الإبداعي أو الأبتكاري
4-التفكير الخرافي
5- التفكير الاستدلالي
6-التفكير المنطقي
7- التفكير التأملي أو تفكير حل المشكلة
8-  التفكير الترابطي
9- التفكير الشامل
10- التفكير ألاستبصاري
11-   التفكير عالي الرتبة
12- التفكير التسلطي
13- التفكير المساير او التوفيقي
14- التفكير التصوري
15- التفكير ما وراء المعرفي

•-         التفكير الإبداعي من وجهة نظر النظرية المعرفية : -
تهتم هذه النظرية بالطرق التي تدرك بها الأشياء ، وكل ما يتعلق بالأساليب المعرفية ، ويمثل الإبداع وفقا لوجهة نظر هذه النظرية طرائق الحصول على المعلومات ودمجها من اجل البحث عن الحلول الأكثر كفاءة ، كما يؤكد أصحاب هذا المنحى على أهمية حرية
التفكير والقدرة على التحكم في المعلومات وتشكيلها والإثراء الفكري بالإبداع .
إن الاتجاه المعرفي كان أكثر اقتراباً من طبيعة الإنسان وعملياته الذهنية الحيوية، إذ نظر هذا الاتجاه للإنسان على أنه منظم للموقف والمعرفة ويعالجها ويبني الموقف ويعيد بناءه بهدف استيعابه كما أن هذا الاتجاه يرى أن الأفراد مختلفون في مستوى نشاط وآليات العمل الذهني العاملة والموظفة في الموقف، ومستوى العمل الذهني يتحدد بقضيتين عند اصطحاب الاتجاه المعرفي، هما:
1. طبيعة البنى المعرفية التي طورها الفرد جراء تفاعلاته النشطة في الموقف والخبرات التي حصلت لديه جراء ذلك.
2. مستوى العمليات الذهنية الموظفة في الموقف أو الخبرة والتي تحدد عادةً بخبرة المتعلم واستراتيجياته المتطورة ووحدة الزمن المستخدمة لإدخال الخبرة إلى الذهن

- مهلكات التفكير الإبداعي
ذكر د علي الحمادي في كتابه أطفالنا والتفكير الإبداعي الى إن هناك ثلاث مهلكات للتفكير الإبداعي وهي
•-         التهديد
تعتبر اللوزة   Amygdaleأكثر أجزاء الدماغ حساسية للتهديد وهي المسؤولة عن تركيز انتباهنا وان الباعثات العصبية الصادرة عن اللوزة الدماغية توقظ الجهاز العاطفي مما يزيد من إفراز الكيمياويات مثل (الادرنالين والكورتيسول والفاسوبريسين ) في الدم وهذا يؤدي إلى تغير طريقة تفكيرنا وتصرفنا وإحساسنا
وقد أشارت روزانسكى على ان التعليقات الجارحة والسخرية تؤدي الى اضطرابات في القلب عند الأشخاص الذين يتعرضون لها كما بيئة التهديد يمكن ان تسببه في عدم اتزان كيمياويات الدم أيضا
2- الإجهاد
يؤدي الإجهاد ومواجهة الأخطار الى إفراز مادة الكورتيسول وتسبب هذه المادة سلسلة من التفاعلات في الجسم ومن ضمنها ضعف نظام  مناعة  وتوتر في العضلات الكبيرة وارتفاع في ضغط الدم وتكرار ارتفاع نسبة الكورتيسول يؤدي الى موت خلايا الدماغ في المنطقة المسماة قرين امون ((hippocampusوهي منطقة ضرورية للذاكرة
3- تعلم العجز
بمعنى عدم الثقة بالنفس والفتور واللامبالاة ،ومن العوامل المسببة للشعور بالعجز هي اللوم المستمر والنقد الهدام او وضع الطفل فيما يفوق إمكانياته وبالطبع التعليقات السلبية صدقت منتسوري عندما قالت ان ما يعاني منه الطفل من سلبيات نابع من خطا في تنشئتنا لان الطفل بطبيعته قوي الإرادة ولديه عزيمة ولكننا بإحباطنا المستمر لمحاولاته نعلمه العجز وضعف الحيلة ،ومعالجة حالة العجز تحتاج الى عشرات المحاولات الايجابية حتى يعيد الدماغ الارتباطات الداخلية ويوسعها ويعمقها وينسقها لتتحول إلى حالة التفاؤل والثقة بالنفس .   ( عليوات ، 2007)

المجتمعات اليوم بحاجة أكثر من قبل إلى استراتيجيات تعليم وتعلم تمدها بآفاق تعليمية واسعة ومتنوعة ومتقدمة تساعد الطلاب على إسراء معلوماتهم وتنمية مهاراتهم العقلية المختلفة وتدربهم على الإبداع وإنتاج الجديد والمختلف. وهذا لا يتأتى بدون وجود المعلم المتخصص الذي يعطي طلابه فرصة المساهمة في وضع التعميمات وصياغتها وتجربتها، وذلك من خلال تزويدهم بالمصادر المناسبة وإثارة اهتماماتهم وحملهم على الاستغراق في التفكير الإبداعي وقيادتهم نحو الإنتاج الإبداعي. وأن تكون لديه القدرة على إبداء الاهتمام بأفكار الطلاب واستخدام أساليب بديلة لمعالجة المشكلات، وعرض خطوات التفكير عند معالجة المشكلة بدلاً من عرض النتيجة فقط. مما يدفعهم نحو تطوير نماذج التفكير والقدرة على تقييم نتائج التعلم بشكل فعّال .

"التفكير قوة متجددة لبقاء الفرد والمجتمع معاً في عالم اليوم والغد"

 
مي السهلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق