الجمعة، 9 ديسمبر 2011

التفكير لابداعي


بسم الله الرحمن الرحيمالحمدالله والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين    اما بعد ...

مقدمة :
كانت الحاجة إلى التفكير الإبداعي ملحة في كل عصر من العصور الماضية.ولولا المبدعون لما أصبح لدينا هذا الكم الهائل من الاختراعات والاكتشافات، والإنجازات العلمية والأدبية والفنيّة التي نقشت أسماء مبدعيها في الذاكرة الإنسانية على مدى العصور.
وما أحوجنا في هذا العصر -عصر العلم والتكنولوجيا والعولمة وتفجّر المعلومات- إلى أن نواكب هذا التقدّم السريع بالمشاركة الفاعلة في المعرفة والتعلم والإنجاز، لنقدّم للعالم إبداعات خاصّة بنا، وناتجة عن أعظم ثروة نمتلكها ، وهي العقل.
سمعت من أحد الزملاء الذين زاروا دولة ماليزيا، أن وزير التربية والتعليم حث طلبة الجامعات على اختراع حاسوب قليل الثمن وخفيف الوزن ، ليكون بديلاً عن الكتب والقرطاسية التي يستعملها الطلبة في المدارس وتكلف الدولة مبالغ باهظة سنوياً. إنها دعوة عامة للتفكير والابتكار والإبداع.

 قال الفيلسوف ديكارت : " أنا أفكر ، إذن أنا موجود ". وكأنه أراد أن يقول بكلمات أخرى ، إن الذي لا يفكر هو شخص غير موجود. ولذا ، ربط التفكير وأهميته بالوجود، أي بالحياة في هذا العالم.
تُعرّف مهارات التفكير الإبداعي بأنها تلك المهارات التي تمكّن المتعلم من توليد الأفكار والعمل على انتشارها ، واقتراح فرضيات محتمله، كما تساعده على دعم الخيال في التفكير ، والبحث عن نواتج تعلم إبداعية جديدة ( سعادة 2003).
وتكمن أهمية تعلّم مهارات التفكير بأن على كلّ فرد أن يفكر ليتعلّم ويفهم ويطبق ما يفهمه في حياته.
والتفكير يبدأ لدى الأطفال في سنّ مبكرة، أي أنه يبدأ مع الطفل منذ نشأته في المنزل، قبل وصوله مرحلة المدرسة. والطفل الذي يجد الرعاية الكافية والمناسبة في سنواته الأولى، يكون مهيأً للإبداع في واحدة أو أكثر من مجالات الإبداع المختلفة، لدى نموّه.
ومن أجل ذلك، دعا ماتشادو (1989) لبناء برنامج تعليم شامل للذكاء في فنزويلا، بحيث غطّى مستشفيات الولادة، والجمهور والمدارس والجامعات والقوى المسلحة، وأفراد الخدمة المدنية. واهتم المشروع بالطفل حتى وهو جنين في رحم أمه. فهو يُدرّبها كيف تعتني بجنينها وطفلها. فالأعوام الستة الأولى من عمر الطفل ذات قيمة كُبرى في حياته المستقبلية.
 ويقول : " كل الأطفال العاديين موهوبون. والأطفال الموهوبون مجرّد أطفالٍ عاديين، لاقوا العناية الفائقة. فإذا سمحنا للقلّة أن تُطوّر ذكاءها، فإنها ، لا مناص، ستحتكر القوّة. وهناك الطغيان الأعظم."    ( ماتشادو، 1989، ص20).
وهو يرى أن: الخالق وهبنا العقل كطريق يُنير العدل. فالخالق لا يُميّز بين الناس والامتيازات من صنع البشر أنفسهم".( ماتشادو، 1989، ص20).
لقد كان المفهوم سابقاً بأن الإبداع يكون فردياً لأن الذي يقوم به فردٌ واحدٌ. أما فيما بعد، فقد تغير هذا المفهوم، خاصة في مجال البحث العلمي. حيث أنه يمكن لمجموعة من المبدعين إنجاز اكتشافات أو اختراعات قدّموها معا،ً بجهودهم وأفكارهم وبالتعاون فيما بينهم.كما يُمكن لمجموعة من الفنانين التشكيليين أن يشتركوا في إنجاز جدارية ضخمة. وهكذا. إذن، فالإبداع يُمكن أن يكون فردياً كما في الشعر، أو جماعياً، بحيث يشارك فيه مجموعة من الأشخاص المبدعين كعمل مشترك، كما في الهندسة أو الفن التشكيلي أو الأبحاث الطبية. وقد يُشارك فيه عدد كبير من الأشخاص، كما في العروض الرياضية، أو عزف السيمفونيات العالمية أو المسرح أو الأفلام ذات المستوى الرفيع.

  وتشير معظم الدراسات والأبحاث إلى أن سمات الإبداع تظهر لدى الأطفال قبل المرحلة الثانوية. ثم تقوى وتزدهر في المرحلة الجامعيّة. أما النتاجات الإبداعية في مجال الشعر والموسيقى، فيمكن أن تظهر في سن مبكرة. وعلى سبيل المثال، فقد قاد موزارت أوبرا في ميلانو وهو في الرابعة عشرة من العمر، أما إينسكو، فقد ألف " أسلوب القصيدة الرومانية وهو في سن الخامسة عشرة.
والمبدع شخص خلاّق بالمعنى الدقيق للكلمة. قد يستفيد من تجارب الآخرين، إلا أنه يُضيف إليها من ابتكاراته الخاصة. وهو عنيد ومغامر. يحلم  ، ويعمل جهده على تحقيق أحلامه. وهو دائم التفكير ودائم العمل، ولا يثنيه عن الوصول إلى أهدافه أي عائق مهما كان.

واخيرا والإبداع لا يقتصر على مجالٍ محدّد، وإنما يشمل جميع مجالات الحياة. وهذه المجالات كثيرة ومُتعدّدة، منها الإبداع العلمي والتقني والفني والأدبي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي إلى غير ذلك.

وفي ختام هذا الموضوع لا يسعنا إلا أن نشكر الله تبارك على نعمة العقل والتفكير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

المراجع :
1-      د. سعادة، جودت أحمد. تدريس مهارات التفكير. رام الله : دار الشروق للنشر والتوزيع، 2003م.
2-      ماتشادو، لويس البرتو . ترجمة : د. عادل عبد الكريم ياسين. الذكاء حق طبيعي لكل فرد. قبرص: دار الشباب للنشر والترجمة والتوزيع، 1989م.
نوره السويلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق