الجمعة، 9 ديسمبر 2011

التفكير الابداعي

الإسلام روح التفكير لأن نظريته كتاب الله المقروء وهو القرآن وكتاب الله المنظور وهو الكون. وبين الله تعالى بأن التفكير والتذكر يكون لأصحاب العقول فقط
(الباليساني، 1989 ) .
وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تخص التفكير والعقل بصيغ وألفاظ ومعان مختلفة جميعها تدعو العقل إلى النظر والتأمل دعوة صريحة ومباشرة وفيها تضمن لمشتقات العقل ووظائفه، ويخاطب الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز أصحاب العقول بقوله تعالى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9
{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }الرعد19
{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }البقرة269

أن عملية التفكير تمر بمراحل تشبه الدائرة لذا أطلق عليها (الدائرة الفكرية) حيث أن التفكير الإنساني ينجز خمس مهام أو وظائف رئيسة هي: وصف، تفسير، تقرير، تخطيط، تنفيذ. وتظهر هذه الوظائف كما لو أنها متصلة ببعضها البعض، فالفكر يبدأ فعالياته الفكرية بوصف للمعلومة أو المنبه الذي يستقبله الدماغ ويبدأ الإنسان بالتوسع بهذه المعلومة وتفسيرها بأن يضيف لها مما في ذاكرته من خبرات ومعارف لإلقاء المزيد من الأضواء عليها وتبين أسبابها أو التنبؤ بنتائجها، وينتقل الفكر بعد ذلك إلى تقرير ما يجب فعله تجاه هذه المعلومة، فيضع خطة لتنفيذ العمل
وتوجيهه، وقد يتخذ قراراً بشأن منبه جديد
ويعد التفكير من حاجات الإنسان الأساسية وله علاقة بالمجتمع حيث يتعين علي الإنسان أن يفكر ويتخذ قرارات سليمة تمكنه من التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه ومن هنا يعتقد أن قرار تعليم التفكير يعد قراراً سياسياً فالمجتمعات المتقدمة تغرس في أبنائها صفة الثقة بالنفس والاعتماد عليها ، وتؤهلهم لاتخاذ قرارات سليمة وتمنحهم الفرصة الكافية للنظر فيها لذلك فإن حسن  إدارة شؤون المجتمع تتطلب إعداد جيل من المفكرين الذين يحسنون تصريف أمور الأفراد علي أسس قوية من الوعي والفهم
ويتطور التفكير عند الأفراد بتأثير عوامل البيئة والوراثة ، وقد استخدم الباحثون أوصافا عديدة للتمييز بين نوع وآخر من أنواع التفكير وربما كان تعدد أوصاف التفكير وتسمياته احد احد الشواهد على مدى اهتمام الباحثين بدراسة التفكير وفك رموزه منذ بدأت المحاولات الجادة لقياس الذكاء بعد منتصف القرن التاسع عشر .
ومما لاشك فيه فان للبيئة أثرا كبيرا على أفراد المجتمع فهي تملي عليهم أنماطا سلوكية معينة                                                                                 هنالك تقاربا بين مصطلحي ( الإبداع ) و ( الابتكار ) ، حيث جاء معنى الابتكار في مختار الصحاح " ابتكر الشيء ... استولى على باكورته " . " كل من بادر إلى الشيء فقد أبكر إليه "
في اللغة الانجليزية تشتق كلمة إبداع ( Creativity or Creativeness ) من كلمة الخلق
(
Creation ) ، والفعل يخلق ( Create ) أصله اللاتيني (  Creare ) ومعناها يخرج الى الحياة او يصمم او ينشيء او يخترع او يكون سببا
لا يوجد تعريف جامع لمفهوم الإبداع ، وقد يرجع سبب ذلك الى ان الإبداع ظاهرة متعددة الجوانب ، وكذلك الى اختلاف وجهات نظر الباحثين للإبداع باختلاف مدارسهم الفكرية ومنطقاتهم النظرية
- خصائص التفكير :

سبقت الإشارة إلي أن التفكير عملية معقدة ، ومستوي التعقيد فيها يعتمد بصورة أساسية علي مستوي الصعوبة أو التجريد في المثير أو المهمة المطلوبة ، فعندما يسأل المرء عن اسمه مثلاً أو عن رقم هاتفه فإنه يجيب بسرعة دون أن يشعر بالحاجة إلي بذل جهد عقلي ، ولكن إذا طلب من نفس الإنسان أن يقدم تصوراً لمجتمع بدون مدارس ، فإنه بلا شك سيجد نفسه أمام مهمة صعبة تتطلب بذل نشاط عقلي أكثر تعقيداً .

- خصائص التفكير الإبداعي
•1-   يعكس التفكير الإبداعي ظاهرة متعددة الأوجه والجوانب حيث انه قدرة على الإنتاج الجديد .
•2-   يمكن وصفه بجدة إلا ينتصف بالمرونة والطلاقة الفكرية او الأصالة والحساسية للمشكلات
•3-   يفصح عن نفسه في شكل إنتاج جديد يمتاز بالتنويع ويتصف بالفائدة والقبول الاجتماعي بشكل عام
- أشار المجلس العربي للموهوبين والمتفوقين عام 2002 إلى ان التفكير الإبداعي يقوم على عدد من الافتراضات الأساسية الآتية وهي :
1- الإبداع مهارة يمكن لكل فرد لديه الاستعداد ان يتعلمها من خلال مادة تعليمية او تدريبية مثلا موقف   نص او درس ........
2- الإبداع ليس حكرا على الطلبة المتفوقين او الأشخاص ذوي الذكاء العالي كما أنها تعتمد على أهداف الفرد وعملياته الذهنية وخبراته وخصائصه الشخصية
3- الإبداع يعني التحرر من الخوف والمنع لذلك فان إيجاد الفرد المبدع يعتمد على الوسط البيئي المناسب والمعلم الجيد
4- الفكرة المبدعة فكرة ضعيفة هشة لا تصمد للنقد في بدايتها واذا أصدرت عليها حكما سريعا فانك ستقتلها


5- الفرد المبدع يفترض ان الآخرين مبدعون
وقدم جيلفورد ( Guilford ) تصورا نظريا عن ظاهرة الابداع ، من خلال نظريته عن التكوين العقلي والتي تدعى بنية العقل ( Structure of intellect  ) حيث حدد فيها ثلاثة ابعاد للنشاط العقلي عند الشخص ، هي : -
أ-نوع العملية العقلية ( Operations )
ب-نوع المحتوى او المضمون ( Content )
جـ-نوع الناتج او المحصلة ( Prodouct )
ثم قسم جيلفورد هذه الأبعاد الى العمليات العقلية الآتية :
1-المعرفة ( Cognition ):
وتعني تعرف الشخص على مجالات خبراته .
2-التذكر ( Memory ) :
ويقصد به احتفاظ الشخص بخبراته واسترجاعها عند الحاجة .
3-التقويم ( Evaluation ) :
ويعني إصدار الأحكام في ضوء الخبرات السابقة للشخص .
4-الإنتاج ( Production ) :
ويقصد به إعطاء حل لمشكلة تواجه الشخص ، ويقسم الى نوعين هما :
أ-الإنتاج ألتقاربي ( Convergent Production ) :
ويتضمن إنتاج معلومات صحيحة او محددة تحديدا مسبقا متفق عليه .
ب-الإنتاج ألتباعدي ( Divergent Production ) :
ويتضمن إنتاج معلومات متنوعة على ان لا يكون هنالك اتفاق مسبق على محكات الخطأ والصواب
يرى جيلفورد ان المكونات الأساسية للإبداع هي كما يأتي :-
1-الطلاقة ( Fluency ) :
يقصد بها القدرة على إنتاج اكبر عدد من الأفكار الإبداعية ، فالشخص المبدع يكون متفوقا من حيث كمية الأفكار التي يقترحها حول موضوع معين في وحدة زمنية ثابتة مقارنة بغيره ، أي انه على درجة عالية من سيولة الأفكار وسهولة توليدها . وهنالك ثلاثة أساليب لقياس الطلاقة هي : -
أ-سرعة التفكير بإعطاء كلمات في نسق واحد .
ب-التصنيف السريع لكلمات في منبهات خاصة .
جـ-القدرة على وضع كلمات في اكبر عدد ممكن من الجمل والعبارات ذات معنى .
2-المرونة ( Flexibility ) :
وهي قدرة الشخص على تغيير حالته الذهنية بتغير الموقف ، أي ان المرونة هي عكس التصلب العقلي ، فالشخص المبدع مطالبا لكي يكون على درجة عالية من المرونة حتى يكون قادرا على تغيير حالته العقلية لكي تناسب الموقف الابداعي ، وهنالك مظهرين للمرونة هما :
أ-المرونة التلقائية : وهي قدرة الشخص على ان يعطي عددا من الاستجابات المنوعة ، والتي لا تنتمي لفئة واحدة او مظهر واحد .
ب-المرونة التكيفية : وهي السلوك الناجح لمواجهة موقف او مشكلة معينة .
3-الأصالة ( Originality ) :
وتعني ان الشخص المبدع ذو تفكير أصيل أي لا يكرر أفكار الآخرين ، حيث تكون أفكاره جديدة وغير متضمنة للأفكار الشائعة

التفكير الإبداعي يشكل جزءاً من أي موقف تعليمي يتضمن أسلوب حل المشكلات وتوليد الأفكار ويجب أن يعرف المعلمون وأولياء الأمور أن تنمية التفكير الإبداعي لا يقتصر على تنمية مهارات الطلاب وزيادة إنتاجهم ولكن تشمل تنمية درجة الوعي عندهم وتنمية إدراكهم وتوسيع مداركهم وتصوراتهم وتنمية خيالهم وتنمية شعورهم بقدراتهم وبأنفسهم في جو تسوده الحرية للإنسان ليكون هو نفسه كما خلقه الله تعالى لزيادة قدرته في نفسه لتحمل المخاطر وارتياد المجهول بالتفكير الإبداعي.
"التفكير قوة متجددة لبقاء الفرد والمجتمع معاً في عالم اليوم والغد"

مي السهلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق